الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 22 فبراير 2004 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
المحبة الفادية
ليقبلني بقُبلات فمه، لأن حبك أطيب من الخمر ( نش 1: 2 )
مَنْ هذا الذي تطلب منه العروس أن يُقبِّلها، أليس هو الرب يهوه ـ الله؟ نعم إنه هو بلا شك، كما أنه أيضاً الإنسان يسوع المسيح.

والقُبلة هي علامة المُصالحة، وهوذا العروس تطلب إليه أن يقبِّلها، فهي أدركت أنه ـ تبارك اسمه ـ هو "الوسيط المصالح". نعم إن العداوة أتت من جانب الإنسان، فقد كنا "قبلاً أجنبيين وأعداء في الفكر، في الأعمال الشريرة" ( كو 1: 21 )، أما المُصالحة فقد أتمها الله بتقديمه ابن محبته للموت نيابة عنا "... قد صالحكم الآن في جسم بشريته بالموت، ليُحضركم قديسين وبلا لوم ولا شكوى أمامه" ( كو 1: 21 ،22) وإن صليب ربنا يسوع المسيح، والحجاب الذي شُق من فوق إلى أسفل، والحربة التي طُعن بها سيدنا في جنبه الطاهر، هذه كلها تُعلن بكل وضوح هاتين الحقيقتين: العداوة من جانب الإنسان، والمحبة والمصالحة من جانب الله بواسطة موت ربنا يسوع المسيح ( 2كو 5: 18 -21؛ أف2: 13-19).

لقد كانت لغة العداوة من ناحية الإنسان "اصلبه .. اصلبه"، ولكن كان جواب المسيح على تلك العداوة "يا أبتاه اغفر لهم". وقد وضحت عداوة القلب البشري وبغضته في الحربة التي طُعن بها جنب المسيح، فجاوبت محبته ـ له المجد ـ على تلك البغضة "بالدم والماء" اللذين خرجا من جنبه، حقاً ما أردأ وأبشع القلب البشري، وما أعجب محبتك يا سيدنا! هبنا أن ننمو في معرفتك وفي معرفة محبتك "الفائقة المعرفة".

وهناك أمر آخر جدير بالملاحظة، وهو أن العروس لا تطلب قُبلة واحدة ولا قُبلات كثيرة من فمه، بل "قُبلات فمه" أي كل قبلات فمه. والمؤمن الذي ذاق حلاوة النعمة، يريد أن يتمتع في كل حين بكل محبة العريس، ويمتلكه لذاته، ويخصصه لنفسه. يريده هو وليس سواه. هكذا كانت حالة المجدلية عند قبر السيد، فقد قالت له عندما ظنت أنه البستاني: "يا سيد، إن كنت أنت قد حملته فقُل لي أين وضعته، وأنا آخذه" ( يو 20: 15 ). فقد اعتبرت أنه له المجد ملكها وحدها دون سواها، وأن من حقها أن تأخذه، وأليس هذا هو التكريس بمعناه الصحيح، وأليس هذا ما يعوز المؤمنين الحقيقيين في أيام الهُزال الروحي التي نعيش فيها؟

متى بهنام
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net