الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 2 ديسمبر 2004 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
هيرودس .. الثعلب
وأما هيرودس فلما رأى يسوع فرح جداً ... وترجَّى أن يرى آية تُصنع منه. وسأله بكلامٍ كثير فلم يُجبه بشيء ( لو 23: 8 ،9)
هيرودس رئيس الربع ( أع 13: 1 )، أو هيرودس أنتيباس كما يسميه التاريخ، هو ذلك الخليع الماجن الذي كان يعيش عيشة دنسة مستهترة، وكان يحيا حياة خليعة فاجرة. وهو ابن هيرودس الكبير الذي أمر بقتل أطفال بيت لحم (متى2). وهيرودس هذا، هو الذي أراد أن يقتل المسيح، والذي دعاه الرب "الثعلب" ( لو 13: 31 ،32)، وهو الذي استحق توبيخ يوحنا المعمدان لسبب علاقته الآثمة بهيروديا امرأة فيلبس أخيه، ولسبب جميع الشرور التي كان يفعلها ( لو 13: 9 ). ومع أنه كان يهاب يوحنا عالماً أنه رجل بار وقديس، وإذ سمعه فعل كثيراً وسمعه بسرور ( مر 6: 20 )، إلا أنه قطع رأسه ليقدم هدية على طبق لامرأة لاهية فاجرة ( مر 6: 21 -28). ولقد ظل ضميره يبكته بقسوة على تلك الجريمة الشنعاء، حتى أنه عندما سمع عن الرب يسوع وعن المعجزات التي يصنعها، خطر بباله أن صانع المعجزات هذا ليس سوى يوحنا الذي قطع هو رأسه، وأنه قام من الأموات ( مت 14: 1 ،2).

لقد أُلقيت كلمة الله كبذار في قلب هيرودس، لكنها اختنقت بالشوك، وشهوات سائر الأشياء قتلت كل تأثير إلهي ( مر 4: 8 ).

وعندما مثل الرب أمام هيرودس ليُحاكم قُبيل الصليب، لم يقف الرجل أمام المسيح باكياً على شره وإثمه وخطيته، أو نائحاً على مقتل المعمدان، أو فزعاً من الحياة الممتلئة بالمُنكر والضلال، لكنه "فرح جداً ... وترجَّى أن يرى آية تُصنع منه".

فها هو الآن رجل خاوِ القلب، يطلب أن يجد في ابن الله الذي صار جسداً، غرضاً يُشبع نهمه للترفيه واللهو الذي لا ينتهي، يترجَّى أن يرى معجزة يتسلى بها يوم الصليب، كما يرى الناس عرّافاً أو حاوياً يلهيهم ويُضحكهم بعض الوقت، وأقل مشاركة في هذه النوازع الفاسدة لا تتفق مُطلقاً مع كرامة وعظمة ذاك المجيد الذي في اتضاعه ظل هو الله. وبقيَ الرب يسوع صامتاً "فلم يُجبه بشيء ... فاحتقره هيرودس مع عسكره وألبسه لباساً لامعاً وردَّه إلى بيلاطس" ( لو 23: 9 ،11). لقد مات ضمير هيرودس. ويكفي أنه وصل في موته إلى حد احتقار المسيح، والإمعان في السخرية به، وهو لم يدرِ أنه بذلك أضاع الفرصة الأخيرة التي كانت أمامه للتوبة والرجوع إلى الله!!

فايز فؤاد
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net