الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 10 ديسمبر 2004 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
السحاب غبار رجليه
الرب إله غيور ومُنتقم ... الرب في الزوبعة، وفي العاصف طريقه، والسحاب غبار رجليه ( نا 1: 1 -3)
"ناحوم: معناه "تعزية". والواقع أنها معزية فعلاً أقواله الثمينة المُفرحة التي أُوحى بها إليه في الأصحاح الأول. فالنقمة لله "إذ هو عادلٌ عند الله أن الذين يضايقونكم يُجازيهم ضيقاً" ( 2تس 1: 6 ). فهو أبداً يراقب شعبه، وإن أجاز أموراً كثيرة لتأديبهم، فإنه لن يتجاوز عن إهانة تلحق بمفدييه "حافظ غضبه على أعدائه" (ع2). ولاحظ أن أعداء شعبه هم أعداؤه. فهو يجعل دعواهم دعواه، والإيمان يرتاح على ذلك، فيُعفى من قلق كثير وانزعاج. قد تفزع الطبيعة وتضطرب حيث يهدأ الإيمان، فالطبيعة ترى جيوش الأعداء، ولكن الإيمان يرنو إلى الله.

والعدد الثالث ينطوي على ما هو كريم جداً في عيني النفس المكروبة، كما على إنذار خطير لمن يقسّي قلبه ضد التأديب. فو إن كان الرب بطيء الغضب وعظيم القدرة، فإنه لا يتجاوز عن الإثم، ولا يُبرئ الشرير. إنه "رحيمٌ ورؤوفٌ، بطيء الغضب وكثير الإحسان والوفاء. حافظ الإحسان إلى ألوف. غافر الإثم والمعصية والخطية. ولكنه لن يبرئ إبراءً" ( خر 34: 5 -7). هو مملوء حباً، بل هو محبة، لكنه أيضاً نور. ولهذا فلا بد من إدانة الخطية، وهنا يأتي الصليب. على أنه حتى في ما يتعلق بالذين وجدوا في الصليب غفراناً، فإن الله لا يحتمل الشر غير المقضي عليه ( 1كو 11: 31 ،32).

وإن بَدَت الريح العاصفة أو الزوبعة تكاد تبتلع القديس، واسودت سماؤه بالسُحب، فما أجمل أن يذكر أن "الرب في الزوبعة، وفي العاصف طريقه، والسحاب غبار رجليه".

فارفع إذاً بصرك أيها العزيز المُجرَّب المتحيّر، فإن سيدك يعلو سحائب الحزن الكثيف. وكما أن الغبار من بعيد ينبئ بقدوم مسافر قبل أن نتبينه على الطريق، هكذا تحدِّثنا السُحب أن مجيئه قريب، ذاك الذي يعرف كل أحزاننا، ويأتي في المحبة ليكفكف دموعنا. بأمره ينتهر البحر المضطرب فينشف، وتجف أنهار الويل، كما نشَّف قديماً بحر سوف، ورّد مياه الأردن. الخليقة كلها تعترف بقوته والعناصر جميعاً تقرّ بسلطانه. ليس مَنْ يقف أمام سخطه أو مَنْ يقوم في حمو غضبه. لكنه صالح، حصنٌ في يوم الضيق، وهو يعرف المتوكلين عليه (ع4-7).

هنري أيرنسايد
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net