الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 10 يونيو 2002 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الجهاد المسيحي
فقال لهم لكن الآن مَنْ له كيس فليأخذه ومزود كذلك. ومَنْ ليس له فليبع ثوبه وَيَشْتَرِ سيفاً.. فقالوا يارب هوذا هنا سيفان. فقال لهم يكفي ( لو 22: 36 -38)
يتعذر على الكثيرين فهم هذه الآيات. ووجه الصعوبة فيها: كيف يطلب الرب من تلاميذه حمل السيوف؟ بل وكيف يشدد على ذلك إلى الدرجة التي فيها يبيع الواحد منهم ثوبه ليشتري سيفاً؟

لكن الواقع أن الرب لم يطلب من تلاميذه شراء السيف الحرفي، بدليل أنهم لما قالوا له هوذا سيفان، قال يكفي، فلو كان السيف الحرفي هو الذي يقصده، فكيف بعد أن طلب أن يكون مع كل واحد سيف، ولو أدى ذلك إلى أن يبيع ثوبه، يكتفي بعد ذلك بسيفين فقط؟! ولو كان السيف الحرفي هو الذي يقصده، فلماذا لما استخدم بطرس أحد السيفين اللذين معه وبّخه الرب وقال له: "كل الذين يأخذون السيف، بالسيف يهلكون" ( مت 26: 52

لكن الصعوبة تزول لما نتذكر أن الرب كان معتاداً أن يستخدم تعبيرات مجازية كثيرة في الأناجيل، ولهذا فكثيراً ما تعذر على سامعيه فهم كلامه (انظر مثلاً يو2: 18-22؛ 3: 3-8؛ مت16: 6-12 ...) وفي أغلب الأحوال كان الرب يوضح لتلاميذه معنى كلامه، لكنه هذه المرة لم يفعل ذلك، إذ كان الرب متجهاً إلى الصليب، حيث قال المسيح هذا الكلام في ليلة آلامه. ولم يكن المجال مناسباً لشرحه، بل قال لهم يكفي، أي يكفي الكلام في هذا الموضوع الذي لا تستطيعون فهمه الآن.

أما ما كان يقصده الرب فهو أنه لما كان معهم كان هو يتولى شؤونهم ويسدد أعوازهم ويدافع عنهم، كمدلول المزود والكيس والسيف ( لو 22: 35 )، لكنه الآن وهو مزمع أن يترك الأرض عن طريق الصليب، فإن الأمر سيختلف تماماً، لذلك فإن الرب هنا يُعِدّ التلاميذ لحساب النفقة لمواجهتهم عالماً مُعادياً بعد رحيله.

والسيف الذي ذكره الرب هنا يشير مجازياً إلى الجهاد. لكن الجهاد المسيحي ليس هو بأن نقتل، بل نكون مستعدين لتحمَل المشقات حتى القيود والموت في سبيل الإنجيل ( 2تي 2: 9 ). وعندما يقول الرب "ليبع ثوبه ويشترِ سيفاً" فهذا يعني أن يتخلى التلميذ عن كرامته الشخصية، المُشار إليها بالثوب، في سبيل إعلان الحق. وهذا ما فعله المسيحيون الأوائل، كما نقرأ في سفر الأعمال ورسائل العهد الجديد. وما زال هذا هو طلب المسيح من أتباعه، أن نضحي بكل كرامة عالمية لكي ما نعلن الحق الثمين ولندافع عنه.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net